مشاركات لبنانية في أسبوع ميلانو للتصميم 2025 تعبر عن حرفية وحنين وثقافة الضيافة

محظوظ مَن يتواجد في ميلانو، في الوقت الراهن، إذ تعرف شوارع هذه المدينة العريقة وصالاتها وأماكن عدة فيها صخباً ونقاشات وطاولات مستديرة ومحاضرات مُتعلّقة بالتصميم، بأشكاله، مع التفكير في واقعه ومستقبله واسترجاع محطات من ماضيه، وذلك ضمن أسبوع ميلانو للتصميم 2025. في السطور الآتية، تُسلّط “سيدتي” الضوء على قطع أثاث وأدوات مائدة من مصممين لبنانيين، مُقدمة ضمن الحدث التصميمي الضخم، الذي تظل مفاعيله دائمة حتى مع انقضاء أيامه، وتبارح حدود الأحياء والشوارع الإيطالية إلى قارات العالم. 

في هذا الإطار، وقفات مع مجموعة جوانا حمدان الجديدة، وهي رائدة أعمال إيطاليّة من أصول لبنانيّة تستلهم من المجلس البدوي التقليدي، لتقدّم كنب مجالس يتحدّث لغةً معاصرةً، وقابلاً للتكيّف مع أي ثقافة، ومساحة اجتماعيّة، مع وضع الاستدامة والحرفيّة في الاعتبار، وأدوات المائدة من مجموعة جديدة خاصّة بريشار ياسمين، وهو مصمم مُثقّف مُتأثّر بمدارس تصميمية وفنية عدة، تُعبّر أعماله عن تقدير الحرف اللبنانية، وعن هوية عالميّة، وكرسي من الثنائي نيكولا مسلّم ودافيد رفّول المعروف بـDavid/Nicholas الذي لا يخلو أسلوبه من نوستالجيا.

دعوة جوانا حمدان إلى “البستان”

في إطار أسبوع ميلانو للتصميم 2025، تُقدّم “جوانا حمدان”، علامة الأثاث التي أسّستها رائدة الأعمال الإيطاليّة اللبنانيّة جوانا حمدان مجموعة “البستان”، في قلب بريرا، أحد الأحياء الأكثر رمزيّةً ونشاطاً من الناحية الثقافيّة في ميلانو، فمنذ العصور الوسطى، استقبلت ساحات بريرا وحدائقها المخفية الأديرة والفنّانين والمُفكّرين، مُغذّيةً بذلك رابطاً عميقاً بين الطبيعة والإبداع. في شارع بريرا 4، أحد أكثر ساحات المنطقة إثارةً للذكريات، تتخذ مجموعة “البستان” مسرحاً لها، وذلك في مكان تاريخي كان يضمّ في السابق معرض أبولينير الشهير.

يدعو تجهيز جوانا حمدان الزائرين إلى دخول حديقة سرية مستوحاة من البستان الخصيب في الشرق الأوسط، حيث تتعدّد الأسطح التي تلهم اللمس، والقطع ذات الهندسة المتناغمة، والأنسجة الدقيقة، وتمتزج الزخارف الزهرية والمنحنيات العضوية مع لوحة ألوان مستوحاة من الطبيعة، لا سيما الأخضر الزيتوني، الذي يستحضر مناظر بساتين الزيتون التي تمتد على السواحل اللبنانية والمتوسطية. “البستان”، مجموعة تعيد تخيّل المجلس، وتضمّ قطعاً من الأثاث مُعبّرة عن ضيافة راقية، بأسلوب شاعري، حيث توفر الكنبة تجربة استرخاء غامرة، بينما “ميثة” هو اسم كرسي الاسترخاء الذي يفيض بالأناقة والراحة. وبتصميم من لورنزا بوزولي، تستلهم طاولة “غاف” من شجرة الصحراء التي تحمل نفس الاسم وهي رمز للقوة والتحمل والجذور العميقة، مع الإشارة إلى أن قاعدة الطاولة المقطوعة بالليزر تستحضر الجذور. تكتمل المجموعة بطاولتي القهوة “قمر” و”شمس”، اللتين تعكسان نمط حياة مرتبطاً بعمق بإيقاعات الطبيعة، بدون الإغفال عن السرير النهاري “أمير”. كل عنصر في مجموعة جوانا حمدان للأثاث الخارجي مصمم ليتفاعل مع بيئته، مُستحضراً السكون والانتماء والفخامة الهادئة التي تدعو للاستراحة.

أدوات مائدة من ريشار ياسمين تحول الطقوس اليومية إلى لحظات شاعرية

في لو كافاليريز، وتحديداً في شارع أولونا 4، ضمن حيّ 5VIE يقدّم المصمم ريشار ياسمين، Divine Decadence؛ المجموعة الجديدة للمصمم الموهوب هي استكشاف راقٍ للتناقضات وفن الحِرفة، تتألف من أدوات مائدة فنية تشمل مزهريات، وأوانٍ، وسلطانيات قابلة للعكس، وشمعدانات، مصنوعة عن طريق نحت خامة الرخام بدقة. من المُلاحظ أن بعض القطع ضمن المجموعة مزين بمسامير من الفولاذ المقاوم للصدأ، فيما البعض الآخر بقي محافظاً على نقائه وبساطته، علماً أنه بين تلك المسامير تتفتح أزهار الياسمين المصنوعة من حرير الأورغانزا المزدوج، في إشارة رمزية إلى النعمة والصلابة. كل قطعة تحتوي على مزهرية قابلة للفصل مصنوعة من عرق اللؤلؤ، ومصممة لتندمج بسلاسة داخل الشكل العام. تدعو قطع المجموعة إلى التأمل في مفاهيم الجمال، والتحوّل، فهي أنيقة، وتلعب على التناقضات بين النعومة والصرامة، والتقاليد والابتكار، والطبيعة والرسمية. ويخلق تناغم المواد مثل الرخام وعرق اللؤلؤ والأورغانزا حواراً بين الملمس والتقنية، يُكرّم قيمة العمل اليدوي، فقد نحتت هذه المجموعة على يد ستة حرفيين لبنانيين.
ليست هذه المجموعة مجرد أدوات للمائدة، بل مسرحٌ لسرد القصص؛ فكل قطعة تدعو إلى التأمل في توازن الرقي والجرأة، الذاكرة والخيال. إنها مجموعة تحتفي بالمفاجئ، وتسمو بالطقوس اليومية إلى لحظات شاعرية من التأمل والدهشة.

كرسي هزاز من دافيد/نيكولا مستوحى من بيوت الجدات

يقدم الثنائي دافيد/نيكولا لولو روك، الكرسي الهزاز الذي يمتلك قصة شخصية عميقة متشابكة مع تاريخ التصميم العالمي. كان صُمّم الكرسي الهزاز “لولو روك” قبل عشر سنوات لافتتاح معرض فردي خاص بالثنائي في بيروت، علماً أن الكرسي مستوحى من جدّتَي المصممة، ويستحضر الكراسي الهزازة في المنازل اللبنانية في وقت مضى. يهدف التصميم إلى التقاط صدى الحنين العاطفي، وإعادة تفسيره للجمهور المعاصر، مع الموازنة بين الأناقة البسيطة والحرفية الدقيقة. التصميم الأنيق مزدان بتفاصيل نحاسية، مثل مثبتات مسند الظهر، التي تُذكّر بالالتزام بالمواد الفاخرة والجودة الدائمة. يمنح مزيج التأثيرات التقليدية والجماليات الحديثة هذه القطعة بُعداً عالمياً، قادراً على التفاعل مع مختلف الثقافات وحساسيات التصميم. هناك أكثر من نموذج للكرسي المصمم لصالح Gallotti&Radice.