لماذا نبدو أنحف في الملابس السوداء ؟

لماذا نبدو أنحف في الملابس السوداء ؟

اختلفت مفاهيم الموضة مع اختلاف الزمن. في كل حقبة زمنية، كانت هناك قواعد معيّنة تظهر تحت مسمّى “الموضة” حتى تأتي قاعدة جديدة تنفي السابقة، وتُصبح “trend” في زمنها. وحيث أن مفهوم الموضة يختلف باختلاف الثقافات والتقاليد والزمن بالتأكيد، لكن يبدو أن هناك قاعدة واحدة يتّفق عليها الجميع ولا يُجادل بها أحدٌ على الإطلاق، وهي أن الملابس السوداء تجعلك تبدو أنحف من الحقيقة!

ملابس مظلمة

 

هل تجعلك الملابس السوداء تبدو أنحف من الحقيقة؟

يبدو أن القضية أكبر مما ظننْت، ولا تعتمد فقط على قواعد في الموضة، بل هي أشد ارتباطًا بقوانين الفيزياء وعلم وظائف الأعضاء وعلم النفس! وكان العالم الألماني من القرن التاس عشر “هيرمان فون هيلمهولتز” قد قدّم مساهمات أساسية في هذا الموضوع في كتيّب “البصريات الفسيولوجية Physiological Optics” الذي صدر سنة 1867.

في هذا الكُتيّب، قام هيلمهولتز بتضمين العديد من الأوهام المرئية التي تُوضّح كيف يُمكن أن تجعلك الملابس الداكنة جدًا تبدو أكثر نحافة. وقد أطلق هيلمهولتز مسمّى “وهم التشعيع irradiation illusion” . وقام بشرحها كما في الصور أدناه، حيث أن كل مربع متطابق بالحجم مع الآخر، لكن الثقب الأبيض يبدو أكبر من الثقب الأسود.

نظرية التشعيع

هذه بالتحديد هي الظاهرة التي تجعلك تبدو أكثر رشاقة في بنطلون أسود أكثر مما تبدو عليه بآخر لونه أبيض. لكن لماذا؟

استخدم الباحثون في كلية البصريات بجامعة ولاية نيويورك الأقطاب الكهربائية لتسجيل الإشارات الكهربية من الخلايا العصبية في مناطق مرئية للقطط والقرود والدماغ البشري. حيث نظر المشاركون من مختلف الفئات إلى أشكال فاتحة على خلفيات داكنة، وأشكال داكنة على خلفيات فاتحة، تمامًا كما هو الحال في نظرية “وهم التشعيع”، إلى جانب أشكال فاتحة وداكنة على خلفيات رمادية. وأظهرت مجسمات القطب الكهربائي أن الخلايات العصبية البصرية لا تتصرّف جميعها بنفس الطريقة.

يعمل نظامك البصري عبر قناتيْن رئيسيّتيْن: خلايا عصبية نشطة حساسة للأشياء المضيئة، وخلايا عصبية غير نشطة حساسة للأشياء المظلمة. عندما وصل الأمر إلى الخلايا غير النشطة “المظلمة”، وجد الباحثون أنّ المشاركين استجابوا بشكل أكبر للأشكال المضيئة على خلفية مظلمة، فكلّما زاد التباين بين الاثنيْن، كانت استجابة هذه الخلايا العصبية أكثر نشاطًا. وحتى مع نفس القدر من التباين، كانت الأجسام المُضيئة على خلفية مظلمة قد أثارت استجابة أكبر في هذه الخلايا العصبية.

هذا التحليل يبدو منطقيًا من الناحية التطورية. ففي ظلام الليل، تريد أن تكون قادرًا على التقاط كل جزء من الضوء الذي يُمكنك الحصول عليه، لذلك يُبالغ النظام البصري في رصد الأجسام المضيئة على خلفية مظلمة فتبدو أكبر حجمًا. وعلى سبيل المثال، يبدو كوكب الزهرة أكبر حجمًا من المشتري لأنه أكثر لمعانًا، في حين فإن المشتري هو الأكبر.

الملابس السوداء

نفس الأمر ينطبق على اختيار ملابسك! ففي المرة التي ترغب فيها أن تبدو أقل وزنًا، فكّر بارتداء الملابس السوداء أو الداكنة وابتعد عن الألوان الفاتحة وألوان الباستيل. إذ لن تلتقط الخلايا العصبية الألوان الداكنة في الخلفيات المُضيئة بنفس التركيز والمبالغة، وستبدو أصغر في الحجم والوزن.

 

المصدر


مرجع (1).

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *