إشراقات عالمية

هل "العمل الحر" يحقق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية؟

من صحيفة اشراق العالم 24:

يتيح العمل الحر للأفراد التحكم في جدول أعمالهم وطريقة تنظيمها وتحديد مشاريعهم وأولوياتهم، ومع ذلك، تصاحب هذه الحرية تحديات واضحة في التوازن بين الحياة المهنية والشخصية.

ووفق خبراء ومحللون، فإن حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي يشهدها العالم خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى عدم تناسب أجور الوظائف التقليدية مع ضغوطات التضخم التي يعانيها العالم، فإن ذلك كله دفع للاتجاه نحول العمل المستقل أو الحُر ليصبح خياراً شائعاً ربما أكثر من أي وقت مضى.

تزايد بشكل ملحوظ عدد الأشخاص الذين يعتمدون على العمل الحر، فبحسب تحليل نشره المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مايو الماضي، هناك ارتفاع في الطلب على العمل الحر بشكل متسارع منذ العام 2019، فخلال الربع الأول من العام 2023 تمت إتاحة 40 ألف فرصة عمل بقيمة 60 مليون دولار في مجال العمل الحر بالبرمجيات.

فيما يتركز 34 بالمئة من الطلب على العمالة الحرة من الولايات المتحدة الأميركية، تليها دول أوروبا، والهند بواقع 14.13 بالمئة.

ويرجع نمو العمل الحُر إلى عوامل عديدة منها:

  • تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: أسهما التقنيات الحديثة في تيسير الوصول إلى العملاء والزبائن وتقديم الخدمات عبر الإنترنت، مما ساعد في زيادة عدد الأفراد الذين يمكنهم ممارسة العمل الحر من أي مكان في العالم.
  • التغيرات الاقتصادية: تزايدت الحاجة إلى تخفيض تكاليف التوظيف وزيادة المرونة في القوى العاملة، الأمر الذي دفع الشركات إلى التعاقد مع العاملين الأحرار لتنفيذ مشاريع معينة بدلاً من التوظيف الدائم.
  • رغبة في التحكم الشخصي: يسعى عديد من الأفراد إلى تحقيق توازن بين الحياة المهنية والشخصية وتحقيق الاستقلالية في اتخاذ القرارات المهنية.

نمو العمل الحر

في هذا الصدد، قال خبير تكنولوجيا المعلومات، العضو المنتدب لشركة IDT للاستشارات والنظم، محمد سعيد، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الـ 15 عاماً الأخيرة شهدت نمواً كبيراً في قطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال. وأرجع نمو العمل الحر إلى عدة عوامل، ومنها:

  • تطور التكنولوجيا والسرعة الكبيرة التي استطاع من خلالها الانترنت والهواتف النقالة وشركات التواصل الاجتماعي النمو على نحو واسع.. كل شخص أصبح قادراً على الوصول لموارد تكنولوجية ومتصلاً بشبكة الإنترنت على مدار اليوم.
  • التكنولوجيا ساعدت على توفير حلول أعمال ونماذج جديدة لم تكن موجودة من قبل، مثل الاقتصاد التشاركي على سبيل المثال، حيث ظهرت شركات حققت طفرات عملاقة، وبالتالي نمت فكرة العمل عن بُعد.
  • فكرة إنشاء المشروعات أصبحت أوفر وأسرع من ذي قبل، كما تتوافر الأفكار التي لم تكن تستطع أن تصبح على أرض الواقع، لكنها استطاعت من خلال الطفرة التكنولوجية أن تجد لنفسها مكانًا.
  • تعدد جهات التمويل للمشروعات، إضافة إلى أنه أصبحت هناك تمويلات عملاقة لدعم المشروعات وتنفيذها وتنميتها، ما خلق فكرة ريادة الأعمال، فالكل أصبح لديه تطلعات مستقلة ويهرب من العمل التقليدي بمواعيد ثابتة إلى عمل حر ومشروعات من الممكن أن تنقله نقلة مادية عملاقة.
  • ثقافة العمل الحر أدت إلى تزايد حاضنات الأعمال التي لديها استعداد أن تحتضن أصحاب الأفكار وتمويلهم ومساعدتهم حتى تصبح الفكرة على أرض الواقع.

 التوازن بين الحياة المهنية والشخصية

واستطرد: “من ينتقل من الوظيفة إلى أن يكون صاحب أعمال يتنازل عن جزء كبير من جانب حياته الشخصية والاجتماعية، بينما قد يصل الأمر إلى أن يتنازل البعض بشكل كامل عن هذا الجانب، مقابل التركيز في مشروعه الذي يكرس وقته كاملاً له، ويحرم نفسه من رفاهيته”.

وتابع: “لم يستطع كل الناس تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، فهناك صعوبة في الوصول لذلك، ما يجعلهم يتنازلون عن جانب الحياة الشخصية مقابل تحقيق أحلامهم”، وأكد على أن مفتاح الوصول للتوازن هو إدارة الوقت، ونصح بما يلي:

  • أن يخصص ساعات العمل فقط للتفكير في تعقيدات العمل ويفكر في رفاهيته وحياته الشخصية.
  • أن يدرك الشخص أنه في الأساس يعمل في هذا العمل الحر بهدف تطوير حياته وليس التنازل عنها مقابل تحقيق مكاسب مادية.
  • المرونة في تنظيم الوقت وإدارته واستغلال فرصة عدم التقيد بمواعيد للعمل والتواجد في إنجاز المهام بشكل أسرع.
  • تجنب الدخول في حالة عزلة اجتماعية بسبب الانشغال بالعمل والتعود على حضور المناسبات الاجتماعية.

على الرغم من المزايا التي يقدمها العمل الحر، إلا أنه يأتي مع تحديات محتملة تؤثر على الحياة اليومية للأفراد، ومن بينها:

  • عدم التأمين الاجتماعي: يواجه العاملون المستقلون في بعض المناطق تحديات فيما يتعلق بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، ما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر المالية في حالات العجز أو المرض.
  • مواجهة الضغوط الزمنية: قد يجد العاملون المستقلون صعوبة في تحقيق التوازن بين الأعمال المتعددة والحياة الشخصية، ما يؤدي إلى زيادة الضغوط الزمنية.
  • عدم الاستقرار المالي: قد يكون للعمل الحر تقلبات في الدخل، حيث يعتمد الدخل على عدد المشاريع والعملاء الحاليين، ما يجعل الأمور غير متوقعة من الناحية المالية.
  • انعدام التواصل الاجتماعي: يمكن أن يؤدي العمل الحُر من المنزل إلى انعزال اجتماعي للأفراد، حيث قد يفتقرون إلى التفاعل المباشر مع الزملاء.

مستقبل العمل الحر

من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور علي عبدالرؤوف الإدريسي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الوظائف الروتينية والتقليدية أصبح عائدها لا يتناسب ولا يتنامى مع حجم الزيادات التي تحدث في معدلات التضخم عالمياً، ما دفع الكثيرين للبحث عن العمل الحر والدخول في مجال التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي والتسويق وغيرها من الأعمال بغرض إيجاد عائد ومردود مادي يتناسب مع الارتفاعات المتتالية في معدلات التضخم.

وأضاف أن الصدمات الاقتصادية المتتالية على مستوى العالم دفعت الأشخاص للبحث عن الاستثمار بشكل فردي والعمل الحر لتحقيق عائد أكبر ينعكس على مستوى معيشتهم، وتطوير الوضع التقليدي والنمطي الذي اعتاد عليه معظم شعوب العالم لسنوات طويلة، لافتًا إلى أنه قديماً كان الدخل الثابت والأعمال الإدارية عائدها جيد وأكبر من الأعمال الحُرة وهو ما تغير بفعل التطورات التي شهدها العالم.

وأكد الخبير الاقتصادي أن مجالات العمل الحر توسعت على مدار السنوات الأخيرة، بفعل أزمة جائحة كورونا التي دفعت كثيرين على مستوى العالم نحو الاعتماد على الشكل الالكتروني في العمل، مشيراً إلى أن سوق العمل الحر تركز على كل ما هو مرتبط بالتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي وتقديم المحتوى الإلكتروني والتطبيقات الإلكترونية وتطبيقات الهواتف النقالة والتجارة الالكترونية.

واستطرد: حجم التطور كبير وسريع واهتمام الشعوب بالتكنولوجيا أصبح سريعاً، كما أن وسائل التجارة تغيرت والمنتجات والخدمات الإلكترونية التي يتم تقديمها تغيرت، وبالتالي أصبحت دافع لمزيد من الاهتمام والمشاركة في هذا النوع من الاستثمار والتجارة.

سوق واسعة

وإلى ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن معظم الشركات أصبحت تعتمد على المصادر الخارجية والعمل من خارج المكاتب، إضافة إلى أن كثيرين لم يحققوا اكتفاءً مادياً أو الحفاظ على مدخراتهم فبدأوا البحث عن مهنة جديدة وصنعة وخبرة، يستطيعون من خلالها الاستثمار في أموالهم والحفاظ على قيمتها وقوتها، وهو ما ساعد على نمو العمل الحر.

وأكد أن العمل الحر بات أحد مصادر الدخل الإضافية، وقد يعتبره البعض مصدرا ثابتًا للدخل، ذلك باستغلالهم امتلاكهم إحدى المهارات والخبرات والعمل بها، لافتًا إلى أنه في الفترة الأخيرة قامت شركات عديدة على مستوى العالم بتسريح العمالة، ما يجعل السوق الحر أوسع ويؤدي لمزيد من الارتفاعات والتضخم بسبب عدم السيطرة.

 وحذر الخبير الاقتصادي من خطورة عدم السيطرة على نمو العمل الحر، بما قد يُحدث مغالاة وفقدان السيطرة على الأسواق، بعد استحواذ مجموعة أو رابطة على سبيل المثال على خدمة أو سلعة معينة والتحكم في تسعيرها، مشددًا على ضرورة أن تكون هناك موائمة.

والجدير بالذكر أن خبر هل “العمل الحر” يحقق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية؟ تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق التحرير في ” إشراق 24″ وأن الخبر منشور سابقًا على عالميات والمصدر الأصلي هو المعني بصحة الخبر من عدمه وللمزيد من أخبارنا على مدار الساعة تابعونا على حساباتنا الاجتماعية في مواقع التواصل.

نشكر لكم اهتمامكم وقراءتكم لخبر هل “العمل الحر” يحقق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية؟ تابعوا اشراق العالم 24 على قوقل نيوز للمزيد من الأخبار



اقرأ على الصحيفة


اكتشاف المزيد من إشراق العالم

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى