أخبار اشراق العالم24

الحرس القديم وجيل ما بعد الحرب.. من يحسم معركة تيغراي المقبلة؟

هذا الخبر من (اشراق العالم24) نترككم مع تفاصيل الخبر الذي بعنوان الحرس القديم وجيل ما بعد الحرب.. من يحسم معركة تيغراي المقبلة؟


رغم مرور عامين على توقيع اتفاق بريتوريا للسلام، الذي أنهى رسميًا النزاع بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي، لا تزال ملامح الصراع متجذّرة في تفاصيل المشهد السياسي والعسكري بإقليم تيغراي شمالي البلاد.


فالمصالحة التي بدت واعدة في بداياتها، سرعان ما تكشّف هشاشتها مع عودة التوترات الداخلية، وتقدّم الحرس القديم في جبهة تحرير تيغراي مجددًا إلى مركز السلطة والنفوذ.

وفي الوقت الذي تنشغل فيه حكومة أديس أبابا بإعادة ترتيب أولوياتها الأمنية والعسكرية في إقليم أمهرة ومناطق أخرى من أوروميا، عاد الحرس القديم في جبهة تحرير تيغراي ليصوغ ملامح المرحلة داخل الإقليم، مستفيدًا من تفكك الجبهة الداخلية التي قادت الإدارة السابقة للإقليم بقيادة جيتاتشو ردا.

هذا الصراع الداخلي انتهى بانفراد جناح دبراصيون جبراميكائيل بالإقليم، بعد الإطاحة بجيتاتشو الذي اضطر إلى مغادرة تيغراي نحو أديس أبابا، وسط تدخل مباشر من رئيس الوزراء آبي أحمد الذي قرر إعفاء ردا وتعيين الجنرال تاديسي وريدي – أحد أعمدة الحرس القديم – على رأس الإدارة المؤقتة.

واعتبر محللون تحدثت إليهم «العين الإخبارية» أن ما يحدث في تيغراي هو صراع بين زمنين «زمن الحرس القديم الذي لا يزال يحكم بعقلية الثمانينات، وزمن جديد بدأ يتشكل داخل المجتمع، يقوده شباب يرفض تكرار التجارب الفاشلة».

الحرس القديم

لطالما شكّل الحرس القديم في جبهة تحرير تيغراي كتلة صلبة من القيادات التاريخية والعسكرية التي سيطرت على مفاصل الحكم والسياسة في الإقليم لعقود.

لكن اليوم، يرى كثيرون أن هذه المجموعة أصبحت عنوانًا لـ«إدمان الصراع»، إذ ترفض إنتاج تصور سياسي جديد خارج منطق المواجهة وذاكرة الحرب الطويلة.

وبين من يراهم حماة للهوية والتيغراي، ومن يعتبرهم عائقًا أمام المصالحة وتجديد الحياة السياسية، يبرز سؤال محوري: هل يستطيع إقليم تيغراي التحرر من سطوة الحرس القديم؟ أم أن تاريخه محكوم بإعادة إنتاج نفسه في كل دورة صراع؟

صراع متجدد

وشهد الإقليم خلال الأسابيع الماضية صراعًا عنيفًا أعاد المخاوف من انزلاق ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان نحو حرب جديدة.

وبلغت الأزمة ذروتها بين جيتاتشو ردا وزعيم الجبهة دبراصيون جبراميكائيل، الذي انقلب على حليفه السابق، ما أدى إلى تدخل رئيس الوزراء آبي أحمد لحسم النزاع الداخلي، عبر تعيين تاديسي وريدي قائدًا جديدًا للإدارة.

هذا التعيين لم يكن مجرد قرار إداري، بل مؤشر على عودة الحرس القديم بواجهته الصلبة إلى حكم تيغراي، مستفيدًا من انقسام التيارات الإصلاحية.

وبعد أيام من توليه المنصب، أصدرت اللجنة المركزية للجبهة بيانًا شديد اللهجة اتهمت فيه حكومة أديس أبابا بانتهاك اتفاق بريتوريا، متحدثة عن «قرارات أحادية الجانب» تمس حقوق شعب تيغراي، ومحذّرة مما وصفته بـ«التهميش الممنهج» الذي يتعرض له الإقليم.

البيان أكد أن الاتفاق هو الرابط الوحيد القائم حاليًا بين الطرفين، مشددًا على أن تنفيذه يتطلب «تعاونًا وثيقًا وثقة متبادلة»، ما يعكس حجم التوتر الكامن بين القيادة الحالية للإقليم والحكومة المركزية.

ورغم التراجع الكبير الذي شهدته الجبهة بعد اندلاع الحرب مع الحكومة الفيدرالية في نوفمبر 2020، فإن عودتها إلى تيغراي عقب اتفاق بريتوريا كانت بمثابة عودة جزئية للحرس القديم إلى المشهد.

عودة لم تتخذ شكل الحكم المباشر فقط، بل التأثير العميق في دوائر القرار، لا سيما في الملفات الأمنية والعلاقات مع المركز، بما يعزز انطباع المراقبين بأن تيار الحرب لم يغادر بعد عقول صناع القرار في الجبهة.

جمود

وفي حديث خاص لـ«العين الإخبارية»، قال الكاتب والباحث السياسي الإثيوبي عبد الشكور عبد الصمد إن «مشكلة جبهة تحرير تيغراي تكمن في إصرارها على الصراع، بعدما استنزفت طاقتها في الحكم والإدارة، ولم تعد تملك القدرة على العطاء أو التفكير القيادي».

وأضاف: «تأبى هذه المجموعة أن تفسح المجال أمام الجيل الجديد من شعب تيغراي ليختار مستقبله السياسي، إذ توقفت بها عجلة التفكير عند حقبة الثمانينات والتسعينات، ولم تتمكن من استيعاب التحولات الجيوسياسية المتسارعة داخل البلاد وخارجها».

وأكد عبد الصمد أن «شعب تيغراي بحاجة إلى مواجهة التحدي الراهن بحزم وشجاعة، لإحداث تغيير سياسي واجتماعي يعيد الحياة السياسية إلى طبيعتها القائمة على الحوار واختيار القيادة عبر الإرادة الشعبية، بعيدًا عن منطق السلاح، وبما يتوافق مع محيطه وشركائه في الدولة الإثيوبية».

من جانبه، قال الصحفي والمحلل السياسي زيدان الهرري في حديث لـ«العين الإخبارية» إن الحرب التي عصفت بتيغراي وأودت بحياة الآلاف من شباب الإقليم «كانت درسًا مريرًا للجيل الحالي، الذي دفع ثمنًا باهظًا نتيجة سياسات الحرس القديم، التي لا تزال أسيرة أفكار وأيديولوجيات ماركسية بالية لا تواكب العصر ولا تلبي تطلعات المواطنين».

وأضاف الهرري أن «الصراع الداخلي أفرز للمرة الأولى تيارًا شبابيًا واعيًا يرفض الانجرار خلف إرث الحروب، وينادي بإنهاء هيمنة الحرس القديم، ويطالب بمصالحة وطنية شاملة تضع مصلحة المواطن فوق الحسابات الأيديولوجية».

وأشار إلى أن «نقاشات واعدة بدأت تظهر في مدن وأرياف تيغراي، تقودها أصوات شابة تدعو إلى انفتاح سياسي حقيقي، وتنتقد انغلاق القيادة التاريخية وتمسكها بأدوات الماضي».

طريق التغيير صعب

لكن الهرري حذّر من أن «الطريق أمام هذا التيار لن يكون سهلًا، فالحرس القديم لا يزال يمتلك مفاتيح القوة، من الأجهزة الأمنية إلى النفوذ الاجتماعي، ويقدّم نفسه على أنه الضامن الوحيد لحقوق شعب تيغراي في ظل بيئة إثيوبية لا تزال مشحونة بالتوترات العرقية والانقسامات السياسية».

تجدر الإشارة إلى أن جبهة تحرير تيغراي تأسست عام 1975، ولعبت دورًا حاسمًا في الإطاحة بالنظام العسكري للديكتاتور منغستو هايلي ماريام عام 1991، ثم هيمنت على السلطة عبر تشكيل نظام فيدرالي إثني حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود، إلى أن جاء رئيس الوزراء آبي أحمد بحكومة إصلاحية قلبت موازين القوى، وبدأت مرحلة جديدة من الصراع السياسي والعسكري، ما تزال ارتداداته قائمة حتى اليوم.

وبين ماضٍ لم ينتهِ، ومستقبل لم يُكتب بعد، يقف إقليم تيغراي عند مفترق طرق: إما التحرر من قبضة الحرس القديم والعبور نحو مصالحة وطنية شاملة، أو السقوط مجددًا في فخ الصراع الذي لطالما غذّته شعارات الحرب ونزعة التفوق السياسي.

aXA6IDE5OC4xNzcuMTIyLjE1MiA= جزيرة ام اند امز US



من العين الإخبارية
تابع آخرالأخبار العاجلة من اشراق
العالم
اخبار محلية ودولية في مجالات السياسة والاقتصاد والرياضة والتقنية.
الحرس القديم وجيل ما بعد الحرب.. من يحسم معركة تيغراي المقبلة؟

x .
فيس بوك.


اكتشاف المزيد من إشراق العالم

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى